ما أكثر مشكلات العالم! وما أكثر مصائبه المتنوعة والمتوزعة على كل المجالات! فليس على الأرض الفسيحة من مكان إلا وتتناوله المشكلات، إن لم نقل تتسابق إليه، ولم يعد الإنسان الذي يعيش في كهف بعيد أو فوق قمة جبل منعزل أو في قلب جزيرة تحاصرها المياه، لم يعد إنسان
كاتب الموضوع
رسالة
saber
عدد المساهمات : 1689 نقاط : 9347 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 27/02/2013
موضوع: ما أكثر مشكلات العالم! وما أكثر مصائبه المتنوعة والمتوزعة على كل المجالات! فليس على الأرض الفسيحة من مكان إلا وتتناوله المشكلات، إن لم نقل تتسابق إليه، ولم يعد الإنسان الذي يعيش في كهف بعيد أو فوق قمة جبل منعزل أو في قلب جزيرة تحاصرها المياه، لم يعد إنسان الثلاثاء يناير 28, 2014 1:14 pm
لقد أصبحت المشكلة البيئية منذ زمن واقعًا خطيرًا أصاب الحياة الإنسانية بأضرار بالغة، فأنواع التلوث قد أصابت الموارد الأساسية الطبيعة على الأرض، فثمة تلوث الهواء وتلوث الماء وتلوث التربة وتلوث الغذاء، وكل هذه الأنواع من التلوث انعكست على حياة الإنسان بالضرر، فنتجت كوارث مروعة ذهب ضحيتها الآلاف من البشر والكائنات الحية؛ كما نتجت أنواع جديدة من الأمراض، وسلالات جديدة من الفيروسات، وكلها تهدد الحياة الإنسانية والحيوانية، وتصنع اختلالاً بالغًا في البيئة التي خلقها الله سبحانه وتعالى بقدر، كما في قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]. وجعلها مستقرًّا للإنسان ومتاعًا له، كما في قوله تعالى لأبي البشر آدم عليه السلام: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36]. والمشكلة البيئية لا تتوقف عند حدود الجيل الحالي من البشر؛ بل إنها تهدد كذلك حياة الأجيال القادمة، التي ستعاني أيضًا من العديد من الأمراض والمشكلات الصحية والكوارث البيئية، وبعض هذه المشكلات يبدو لا مفر منه، ولم توجد له حتى اللحظة حلول مناسبة؛ فالنفايات النووية -مثلاً- تحتوي على عناصر يمكنها البقاء دون تحلل لمئات وآلاف السنين، فحتى إذا عزلت في أعماق المحيطات وتحت طبقات من الأسمنت والرصاص، فإن هذه الطبقات لن تصمد تحت الضغط وملوحة المياه لمئات وآلاف السنين، وفي لحظة ما ستتسرب هذه النفايات إلى البيئة، وتؤتي أثرها الفتاك. والمشكلة البيئية لا تتوقف عند حدود تلوث الموارد البيئية والأضرار الناتجة عنه فقط؛ بل إنها تتعدى هذا إلى مشكلة في استثمار هذه الموارد؛ فالماء العذب يعاني من التلوث؛ ولكنه أيضًا في معظم مناطق العالم لا يُستفاد منه بالشكل الصحيح، فنجد أطنانًا هائلة من المياه العذبة تضيع في البحر، على الرغم من أن البشر في مناطقها يعيشون في فقر مائي ويحتاجون المياه العذبة. والأرض الخصيبة تستهلك بشكل متسارع تحت وقع التوسع في البناء، وهي تعاني أيضًا في معظم مناطق العالم من عدم استثمارها بالشكل العلمي المناسب، فما زالت الزراعات تجري بالأساليب القديمة والبدائية، وتغفل عن تطور العلم في مجالات تحسين أساليب الري والزراعة، وتحسين أنواع البذور، وتنظيم الدورات الزراعية لتفادي إجهاد التربة، وتغذيتها بالعناصر المخصبة والمساعدة. وما زال العالم يخطو بطيئًا في استثمار الطاقات الطبيعية النظيفة كطاقة الشمس وطاقة الرياح، ويعتمد على أنواع الطاقة التي ثبت تأثيرها الضار على البيئة؛ فهذه كذلك مشكلة استثمار تتعرض لها الموارد البيئية، وتسبب ضررًا مضاعفًا للحياة الإنسانية. لا يقف الإسلام متفرجًا على هذه المشكلات؛ فهو الدين الرباني الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى للعالمين، وهو الدين الذي امتاز بشموله وبقدرته على تنظيم حياة البشر على هذه الأرض، وهو دين يتناول كل الحياة البشرية في واقع المسلم، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162-163]. وهو الدين الكامل الذي ختم الله به الرسالات، وختم برسوله صلى الله عليه وسلم الرسل، وأنزل فيه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]. كما كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم تطبيقًا لهذا الشمول ولهذا الكمال، فلقد حفلت حياته صلى الله عليه وسلم بإسهامات ووصايا وتعاليم في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وكذلك في مجال البيئة.
ولقد كان من أثبت أدلة خلود المنهج الإسلامي وصلاحيته لكل العصور ما تحقق في عصور الحضارة الإسلامية المختلفة من حسن استعمال المسلمين لمصادر البيئة؛ سواء بالاستثمار أو بالحماية، وعلى قدر ما كانت قضية البيئة في التشريع الإسلامي ثورة وقفزة على ما قبلها من الأفكار، كانت أيضًا سابقة على ما حدث بعدها حين ضعف المسلمون وتركوا منهجهم الرباني، فاستعلى عليهم غيرهم وساد على هذه الأرض، فكان أن {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الروم: 41]. حقوق البيئة
وعلى هذا نشأتْ عَلاقة حُبٍّ ووُدٍّ بين الإنسان المسلم والبيئة المحيطة به من جماد وأحياء، وأدرك أن المحافظةَ على البيئة نفعٌ له في دنياه؛ لأنه سيَحْيَا حياة هانئة، وفي آخرته حيث ثواب الله الجزيل. وقد جاءت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للبيئة تأكيدًا لتلك النظرة القرآنيَّة الشاملة للكون، التي تقوم على أن هناك صلةً أساسيَّة وارتباطًا متبادَلاً بين الإنسان وعناصر الطبيعة، ونقطة انطلاقها هي الإيمان بأنه إذا أساء الإنسان استخدام عنصر من عناصر الطبيعة أو استنزفه استنزافًا فإن العالم برُمَّته سوف يُضَارُّ أضرارًا مباشرة. من أَجْلِ ذلك جاء التشريع الإسلامي بقاعدة عامَّة لكل البشر الذين يحْيَوْنَ على ظهر الأرض؛ وهي عدم إحداث ضرر من أي نوع لهذا الكون، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ... » [2]. ثم تتابعت التشريعات الإسلامية التي تُحذِّر من تلويث البيئة أو إفسادها، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك: «اتَّقُوا الْـمَلاَعِنَ الثَّلاَثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْـمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ[3]، وَالظِّلِّ»[4]. وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى من حقوق الطريق، فروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالْـجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ! » فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ؛ إِنَّما هي مجالسنا نَتَحَدَّثُ فيهَا. فقال صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْـمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا». قالوا: وما حقُّ الطريق يا رسول الله؟ قال: «... وَكَفُّ الأَذَى... » [5]. و«كفُّ الأذى» هذه كلمة جامعة لكل ما فيه إيذاء الناس الذين يستعملون الشوارع والطرقات. وأكثر من ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط بين الأجر والمحافظة على البيئة فقال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي؛ حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْـمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ»[6]. ثم هو صلى الله عليه وسلم يأمر صراحة بنظافة المساكن فيقول: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ... فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ، وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ»[7]. فما أروع تلك التعاليم والتشريعات التي تحثُّ على الحياة الطيِّبة الخالية من أي نوع من أنواع الملوِّثات؛ فتحافظ بذلك على راحة الإنسان النفسيَّة والصحِّيَّة. وفي صورة أكثر تصريحًا وتعبيرًا في الحثِّ على المحافظة على البيئة وجمالها، ما ظهر في قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين سأله أحدُ الصحابة: أَمِنَ الكِبْرِ أن يكون ثوبي حَسَنًا ونعلي حَسَنة؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْـجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْـحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ»[8]. ولا شكَّ أن من الجمال الحرصَ على مظاهر البيئة التي خلقها الله تعالى زاهية بهيجة. كما نجد في إرشاده صلى الله عليه وسلم إلى حُبِّ الروائح الطيِّبة وإشاعتها بين الناس، وتهاديها، وتجميل البيئة بها؛ محاربةً للبيئة الملوَّثة؛ وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ، فَلاَ يَرُدُّهُ؛ فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْـمَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ»[9]. ومن عظمة الإسلام فيما سَنَّهُ من تشريعات تخصُّ البيئة أيضًا، ما جاء في الحثِّ على استنبات الأرض وزراعتها، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلاَّ كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتِ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلاَ يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ[10] إِلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ»[11]. وفي رواية: «إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». فمِن عظمة الإسلام أن ثواب ذلك الغرس -المفيد للبيئة بمن فيها- موصول ما دام الزرع قد استُفيد منه، حتى ولو انتقل إلى مِلْكِ غيره، أو مات الغارس أو الزارع! وقد نوَّه التشريع الإسلامي إلى المكاسب التي يجنيها الإنسان من إحياء الأرض البور؛ إذ جعل زرع شجرة، أو غرس بذرة، أو سَقْي أرض عطشى من أعمال البرِّ والإحسان، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ مِنْهَا - يَعْنِي أَجْرًا - وَمَا أَكَلَتِ الْعَوَافِي [12] مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ»[13]. ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قطع الشجر عبثًا، فعن عبد الله بن حُبْشِيٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً [14] صَوَّبَ اللهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ»[15]. قال أبو داود[16] معلِّقًا على الحديث: «يعني من قطع سدرة في فلاة يستظلُّ بها ابن السبيل والبهائم عبثًا وظلمًا بغير حقٍّ يكون له فيها صوَّب الله رأسه في النار»[17]. فالإسلام أنشأ علاقة من الانتفاع والتمتُّع بين الإنسان وبين البيئة، ثم أمره بالحفاظ على النبات من خلال النهي عن قطع الأشجار، ثم حثّه على الزرع والغرس، حتى ولو كانت الساعة تقوم، فمن كانت بيده –حينها- فسيلة فليغرسها. فتتحقق فوائد جمة منها: 1- تخليص الطبيعة من كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الضارّ بالصحة. 2- إنتاج كمية كبيرة من الأكسجين اللازم لحياة الإنسان والحيوان. 3- لها فوائد مهمة في حماية النباتات والزراعات في الأرض الصحراوية؛ حيث تعمل كمصدَّات للرياح. 4- تُضفي على الجوِّ نسمة من الرطوبة؛ نظرًا لأن النباتات تقوم بعملية النتح، الذي يخرج في صورة جزئيات صغيرة من المياه التي تتوزع في الجو وتحيط المناطق المزروعة. 5- تقوم الأشجار في المناطق الصناعية وكذا في المدن التي تحيط بها الجبال أو الصحاري بتقليل كمية الأتربة والمواد الملوثة الموجودة بالهواء؛ حيث تعمل كمصفاة، لذلك لجأت كثير من المدن في العالم إلى عمل ما يُسَمَّى بالحزام الأخضر حول المدن. 6- تعمل الأشجار كمصدات للرياح، وتُعتبر مسئولة عن تثبيت الرمال؛ وبالتالي فهي تمنع ظاهرة التصحُّر، التي تُهَدِّد كثيرًا من الدول. ولأن الماء أحدُ أهمِّ الثروات البيئيَّة الطبيعيَّة، فكان الاقتصاد فيه والمحافظة على طهارته قَضِيَّتَيْنِ مهمَّتين في الإسلام، وها هو ذا الرسول صلى الله عليه وسلم ينصح بالاقتصاد في استعمال الماء حتى عندما يكون الماء متوافِرًا، يروي في ذلك عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بسعد [18] وهو يتوضَّأ فقال: «مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟ » قَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ»[19]. فعن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفَّل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال: أي بني، سل الله الجنة، وتعوذ به من النار؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ»[20]. وعن عمرو بن شعيب [21]، عن أبيه، عن جده، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الوضوء. فأراه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: «هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ، أَوْ تَعَدَّى، أَوْ ظَلَمَ»[22]. فتلك ثلاثة نصوص تنهى عن الإسراف في التطهر للعبادة، بل يُوصف الإسراف بالاعتداء في حديثين منها. كما نهى صلى الله عليه وسلم عن تلويث المياه؛ وذلك بمنع التبوُّل في الماء الراكد[23]. وقال ابن حجر العسقلاني تعليقًا على حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لاَ يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ». فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلاً[24].. قال: «فدل على أن المنع من الانغماس فيه لئلاَّ يصير مستعملاً؛ فيمتنع على الغير الانتفاع به»[25]. فلقد بلغ الحرص على الماء أن نُهي عن الانغماس فيه لئلاَّ يُحرم المسلمون من الانتفاع به؛ فبمثل هذا وبغيره من مسائل الفقه حافظت الشريعة الإسلامية على الموارد المائية التي خلقها الله سبحانه وتعالى وأباحها لمنفعة البشر. فهذه هي نظرة الإسلام والحضارة الإسلامية للبيئة، تلك النظرة التي تُؤْمِنُ بأن البيئة بجوانبها المختلفة يتفاعل ويتكامل ويتعاون بعضها مع بعض وَفْق سُنَنِ الله في الكون الذي خلقه سبحانه وتعالى في أحسن صورة، ووجب على كل مسلم أن يحافظ على هذا الجمال. وأسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين [1] البهيج: الشيء الجميل الذي يُدخل البهجة والسعادة والسرور إلى مَنْ نظر إليه، انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة بهج 2/216. [2] أحمد عن ابن عباس (2719)، وقال شعيب الأرناءوط: حسن. والحاكم (2345) وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. [3] صفة إلى الموصوف، أي الطريقة المقروعة، وهي وسط الطريق. والمراد بالظل: ظل الشجرة وغيرها. انظر: العظيم آبادي: عون المعبود 1/31. [4] أبو داود (26)، وابن ماجه (328)، والحاكم (594)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في التعليق على سنن أبي داود وسنن ابن ماجه. [5] البخاري عن أبي سعيد الخدري: كتاب المظالم، باب أفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات (2333)، ومسلم: كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن الجلوس في الطرقات وإعطاء الطريق حقه (2121). [6] مسلم عن أبي ذرٍّ: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهى عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها (553)، وأحمد (21589)، وابن ماجه (3683). [7] الترمذي عن سعد بن أبي وقاص: كتاب الأدب، باب ما جاء في النظافة (2799)، وأبو يعلى (790)، وقال الألباني: صحيح. انظر: مشكاة المصابيح (4455). [8] مسلم عن عبد الله بن مسعود: كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه (91)، وأحمد (3789)، وابن حبان (5466). [9] مسلم عن أبي هريرة: كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب استعمال المسك... (2253)، والترمذي (2791). [10] يرزؤه أحد: أي لا ينقصه ويأخذ منه، انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة رزأ 1/85. [11] مسلم عن جابر بن عبد الله: كتاب المساقاة، باب فضل الغرس والزرع (1552)، وأحمد (27401). [12] العوافي: الطير والسباع، انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة عفا 15/72. [13] النسائي عن جابر بن عبد الله: كتاب إحياء الموات، باب الحث على إحياء الموات (5756)، وابن حبان (5205)، وأحمد (14310)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث صحيح. [14] السِّدْر: شجر النبق. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة سدر 4/354. [15] رواه أبو داود (5239)، والبيهقي (11538)، والطبراني في الأوسط (2441)، وصححه الألباني في التعليق على سنن أبي داود. [16] أبو داود: هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني المشهور بأبي داود (202 - 275هـ)، إمام أهل الحديث في زمانه، وهو صاحب كتابه المشهور بسنن أبي داود، ولد في سجستان من بلاد فارس، وتوفي بالبصرة. انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء 13/203. [17] سنن أبي داود 2/782 (5239). [18] سعد بن أبي وقاص بن وهيب الزهري، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وآخرهم موتًا. انظر: ابن الأثير: أسد الغابة 2/433، وابن حجر العسقلاني: الإصابة 3/73 (3196). [19] ابن ماجه: كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في القصر وكراهية التعدي فيه (425)، وأحمد (7065)، وحسنه الألباني انظر: السلسلة الصحيحة (3292). [20] رواه أبو داود (96)، وأحمد (16842)، وصححه الألباني في التعليق على أبي داود وفي إرواء الغليل برقم (140)، وقال شعيب الأرناءوط حسن لغيره. [21] عمرو بن شعيب: هو أبو إبراهيم عمرو بن شعيب بن محمد السهمي (ت 218هـ)، من رجال الحديث، كان يسكن مكة. انظر: موسوعة الأعلام 1/374. [22] أبو داود (135)، والنسائي (140)، وابن ماجه (422)، وأحمد (6684)، وصححه الألباني في التعليق على السنن، وصححه شعيب الأرناءوط في التعليق على مسند أحمد. [23] مسلم عن جابر بن عبد الله: كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد (281)، وأبو داود (69)، والترمذي (68). [24] مسلم: كتاب الطهارة، باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد (283)، والنسائي (220)، وابن ماجه (605). [25] ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/347.
ما أكثر مشكلات العالم! وما أكثر مصائبه المتنوعة والمتوزعة على كل المجالات! فليس على الأرض الفسيحة من مكان إلا وتتناوله المشكلات، إن لم نقل تتسابق إليه، ولم يعد الإنسان الذي يعيش في كهف بعيد أو فوق قمة جبل منعزل أو في قلب جزيرة تحاصرها المياه، لم يعد إنسان