ما هو حكم إطلاق السيادة على الرسول الأكرم وعلى آل بيته والصالحين؟ النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيد الخلق بإجماع المسلمين,وقد أخبر عن نفسه الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم :"أنا سيد ولد آدم",وفي رواية "أنا سيد الناس" متفق عليه,وأمرنا الله سبحانه وتعالى بتعظيمه وتوقيره فقال :"{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }.سورة الفتح: الآيات 8- 9 . ومن توقيره تسويده كما قال قتادة والسدي:"وتوقروه":وتسودوه,وقد خاطبه بذلك الصحابه رضوان الله عنهم , فعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال:مررنا بسيل فدخلت فاغتسلت منه,فخرجت محموما ,فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:"مروا أبا ثابت يتعوذ,قلت:ياسيدي والرقى صالحة ؟قال:لارقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة" أخرجه أحمد والحاكم وقال:صحيح الإسناد.
وكذلك فعلوا في الصلاة عليه,فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:"إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحسنوا الصلاة عليه ,فإنكم لاتدرون لعل ذلك يعرض عليه ,فقالوا له :"فعلمنا, قال : قولو: اللهم إجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين ,وإمام المتقين,وخاتم النبيين ,محمد عبدك ورسولك,إمام الخير ,وقائد الخير,ورسول الرحمة" أخرجه ابن ماجة وحسنه المنذري ,وكذلك ورد عن عبد الله بن عمررضي الله عنهما كما اخرجه أحمد بن منيع في مسنده بسند حسن في الشواهد.وأما إطلاق السيادة على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المخلوقين فهو كذلك أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وفعل الأمة خلفا عن سلف من غير نكير.
فأما الكتاب : فقول الله تعالى عن سيدنا يحيى عليه السلام :" فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ .سور ال عمران الآية 39.قال الإمام القرطبي :"ففيه دلالة على جواز تسمية الإنسان سيدا ,كما يجوز أن يسمى عزيزا أو كريما ",وقوله تعالى عن سيدنا يوسف عليه السلام :"وألفيا سيدها لدى الباب" سورة يوسف الآية 25.
وأما السنة :فقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الحسن والحسين عليهما السلام:"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" أخرجه الترميذي والحاكم وصححاه ,وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الحسن بن علي عليهما السلام :"إن إبني هذا سيد" أخرجه البخاري ,وقوله صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة فاطمة عليها السلام :" يافاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين " أخرجه البخاري ,وقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن سعد بن معاذ رضي الله عنه :"قوموا إلى سيدكم",أخرجه البخاري وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لبني سلمة :"من سيدكم يا بني سلمة ؟ قالوا :سيدنا جد بن قيس ,على أن لا نبخله ,قال:وأي داء أدوى من البخل ؟ بل سيدكم عمرو بن الجموح " أخرجه البخاري في الأدب المفرد ,وفي رواية :"سيدكم بشر بن البراء بن معرور" أخرجها الطبراني في المعجم الكبير ....إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تدل على جولز إطلاق السيد على المخلوق.
وأما فعل الأمة:فقول عمر الفاروق رضي الله عنه عن أبو بكر الصديق وبلال رضي الله عنهما :"أبوبكر سيدنا وأعتق سيدنا" أخرجه البخاري ,وقول علي عن إبنه الحسن عليهما السلام :" إن إبني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أخرجه أبو داوود ,وقول أبي هريرة رضي الله عنه للحسن بن علي عليهما السلام :" ياسيدي,فقيل له:تقول ياسيدي؟!قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :إنه لسيد" أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة ,وهذه الإطلاقات مع سماع الصحابة لها من غير نكير ولا معارض بمثابة الإجماع السكوتي وهو حجة كما تقرر في الأصول .
وقد درج المسلمون من قديم الزمان على إطلاق لقب السيادة على الذرية النبوية الطاهرة من نسل سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام ,وود في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :"مارأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ,وما رأوا سيئا فهو عند الله سيء" رواه الإمام احمد.
وعليه إطلاق السيادة على اهل البيت وأولياء الله الصالحين أمر مشروع ,بل هو مطلوب شرعا لما فيه حسن الادب معهم والتوقيروالإجلال لهم,والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول :"ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه " رواه أحمد والحاكم وصححه عبادة بن الصامت رضي الله عنه .والله وسبحانه وتعالى أعلم.