أوردت مجلة “كاونتر بانش” قصة إحدى النساء السوريات التي عانت من فتاوى “جهاد النكاح” تحت عنوان “الجنس والثورة السورية”، إذ ذكرت المجلة في البداية حال التردد التي وقعت فيها الفتاة قبل موافقتها على إجراء المقابلة، وعند قبولها بالأمر على مضض أصرت على أن يكون اللقاء في مكان عام. تصف المجلة لينا (اسم مستعار) بالمرأة الدمشقية العادية من حيث اللباس، إذ تلبس معطفاً طويلاً يغطي كامل جسدها، وتضع على رأسها حجاباً يغطي كامل شعرها.
هي امرأة في أواخر العقد الثالث من عمرها، مطلقة وأم لثلاثة أطفال، عاشت في بيت أهلها لفترة من الزمن وعملت بأجر زهيد لتأمين قوت عائلتها، إلى حين عرض عليها أحد المشايخ الزواج من رجل يوازيها في العمر تقريباً. قبلت لينا العرض، آملة أن يؤدي هذا الزواج إلى تحسين شروط عيشها.
الزوج من منطقة عين ترما في الريف الشرقي لمدينة دمشق، حيث يسيطر الإسلاميون المتطرفون.
وبعدما طلب زوجها مرافقته إلى بلدته، دخلت لينا وهي تظن نفسها داخل مدينة أشباح، حيث لا مياه ولا كهرباء ودمار كامل في الممتلكات الخاصة والعامة. صدمت بوجود عدد من الرجال لا توحي مظاهرهم بأنهم سوريون. يلبسون لباساً أفغانياً بعباءات حتى الركبة، ويضعون غطاءً لرؤوسهم، يحملون السواطير والسكاكين والأصفاد. كما رأت عدداً من السيارات من دون لوحات حكومية، وسيارة إسعاف تابعة لأحد المستشفيات في المنطقة، كان واضحاً أنها مسروقة.
شعرت لينا هناك بأنها تلبس ثياباً فاضحة بين جميع أولئك النساء اللواتي يلبسن نقاباً يغطيهن من رأسهن حتى أسفل أرجلهن مع قفازات لليدين أيضاً.
في عين ترما، أقامت لينا محادثة مع زوجها جعلتها تعيد النظر في معتقداتها الأساسية وإيمانها. بالنسبة إليها، كان الإسلام يشكل الغطاء والإيمان الفعلي، ولكنها سمعت من زوجها أمراً مختلفاً، وأحست بأن ما تسمعه هو إسلام غريب قاتم ومنحرف.
أخبرها زوجها أن المشايخ الذين يعيشون في البلدة قد دعوا جميع من في المنطقة إلى الجهاد، ولكنه أنبأها أن للجهاد أوجهاً عدة، قد يكون جهاداً بالسلاح والقتال، أو بالمال، وعند الحاجة جهاداً أسماه “جهاداً بالنكاح”. وشرحه لها بأنه ينبغي على الفرد أن يتزوج من جميع الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن خلال المعارك. في “جهاد النكاح” يجب على الرجل الزواج من أربع نساء ومن ثم يطلقهن خلال وقت قصير ليتيح لغيره الزواج منهن، كما على المرأة المطلقة بدورها الزواج من أكثر من رجل، وتستمر العملية مداورة بهذا الشكل.
وبعدما استمعت لينا إلى شرح زوجها، سألته “ماذا عن العدة؟”، والعدة هي فترة تمتد إلى حوالي أربعة أشهر يحرم فيها على الأرملة أو المطلقة الاقتراب من أحد الرجال بسبب وجود احتمال بأن تكون حاملاً من زواجها السابق، فأجاب زوجها بتهكم “سيجد الشيخ فتوى ما لهذه الحالة”.
إذاً ما المغزى من “جهاد النكاح”؟ ولماذا خرج فجأة إلى الضوء، خاصة في سوريا؟
في حالة عين ترما، استطاعت لينا استخلاص إحدى الإجابات. فسكان المنطقة جميعاً ينتمون إلى المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة حيث إن عائلاتهم ومناصريهم وكل شخص آخر من هذه المنطقة كانوا قد فروا.
كان ضرورياً جداً الحفاظ على الكثافة السكانية في المنطقة من خلال الحفاظ على من تبقى فيها، خوفاً من تضاؤل أعداد السكان، فتحويل عين ترما إلى نقطة حيوية حيث الجنس المجاني، بالإضافة إلى إعطائه الطابع الشرعي، كان إحدى الطرق التي تساعد على إبقاء السكان داخل المنطقة.
نظرية لينا حول هذه الدوافع كانت قد أثبتت بعد شهر فقط على زواجها، حيث قرر زوجها “الوفاء بالتزاماته” في “جهاد النكاح” عندما قرر الحصول على زوجة جديدة وهي فتاة شابة ترملت حديثاً. فسمعت لينا محادثة لهما على الهاتف قبل يوم واحد من زواجهما، حيث كان الشرط الوحيد للزوجة الجديدة هو “أن يثبت الزوج قدرته على التحمل والاستمرار، ليس فقط في ساحة المعركة وإنما في الفراش أيضاً!”.
تبين للينا أن “الثورة” كانت مبنية على الحاجات الجنسية والرغبات أكثر منها لتحقيق مطالب مشروعة. ومع الوقت أصبحت حياتها لا تطاق، فقيم زوجها الإسلامية الجديدة التي بدأ بتطبيقها عليها كانت كفيلة بتدميرها. فقد أجبرها على إيقاف التدخين لأن التدخين بنظره حرام وآثم، وأخبرها في إحدى المرات كيف أنه كان على وشك النجاح في اختطاف أحد الجنود السوريين فقط لأنه يخدم في الجيش، لكن الحظ أنقذه.
تركت تجربة لينا مع زوجها الثاني، جرحاً كبيراً لديها، لأنها دمرت إيمانها في بعض من أبناء بلدها والطريقة التي ينظرون فيها إلى الإسلام، ساعية إلى الطلاق من زوجها بعد شهرين فقط على زواجهما.