محمد حسن عبدالله
عدد المساهمات : 59 نقاط : 4494 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 21/01/2013
| موضوع: خبر بحيرا الراهب الثلاثاء أبريل 16, 2013 10:58 am | |
| وذكر الترمذي غيره من حديث عبد الرحمن بن عزوان وهو ثقة : أخبرنا يونس بن ابي اسحاق ، عن أبي بكر بن أبي موسى ، عن أبيه ، قال : خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ قريش ، فلما أشرفوا على الراهب حطوا عن رحالهم ، فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فر يخرج إليهم ولا يلتفت.قال : فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى إذا جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين يبعهث الله رحمة للعالمين ، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك ؟ فقال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجداً ، ولا يسجدون إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أفل من غضروف كتفيه مثل التفاحة ، ثم رجع فصنع لهم طعاماً فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه عمامة تظله ، فلما دنى من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فئ الشجرة ، فلما جلس مال فئ الشجرة عليه ، فقال انظروا إلى فئ الشجرة مال عليه .قال فبينا هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه وإذا بسبعة قد أقبولا من الروم فاستقبلهم ، وقال ما جاء بكم ؟ قالوا : بلغنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلما يبقى طريق إلا بعث إليه بأناس، وإنا قد أخبرنا خبره بطريقك هذا ، قال: أفرأيتم أمراً أراد الله أن يقضيه فهل يستطيع أحد من الناس رده ؟ قالوا: لا ، قال : فبايعوه وأقاموا معه ، قال أنشدكم الله أيكم وليه ؟ قالوا أبو طالب ، فلم يزل يناشدهم حتى رده ، وقد روى محمد بن سعد هذه القصة مطولة.قال ابن سعد حدثنا محمد بن عمر بن واقد ، حدثنا محمد بن صالح وعبد الله بن جعفر الزبيري ، قال محمد بن عمر وحدثنا ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين ، قال لما خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وبها راهب يقال له بحيراً في صومعة له وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة يتوارثونها عن كتاب يدرسونه ، فلما نزلوا على بحيراً وكانوا كثيراً ما يمرون به ولا يكلمهم حتى إذا كان ذلك العام ونزلوا منزلاً قريباً من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا ، فصنع لهم طعاماً ثم دعاهم ، وإنما حمله على دعائهم أنه رآهم حين طلعوا وغمامة تل رسول الله صلى الله عليه وسلم من دونهم حتى تملوا تحت الشجرة ، ثم نظر إلى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة فأخضلت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حجتي استظل تحتها.فلما رأى بحيراً ذلك نزل من صومعته وأمر بذلك الطعام فأتى به وأرسل إليهم، وقال إني قد صنعت لكم طعاماً يا معشر قريش وأنا أحب أن تحضروه كلكم، ولا تخلفوا أحداً منكم كبيراً ولا صغيراً حراً لا عبداً فإن هذا شئ تكرموني به ، فقال رجل إن لك لشأناً يا بحيراً ما كنت تصنع هذا فما شأنك اليوم؟ قال إني أحب أن أكرمكم ولكم حق ، فاجتمع القوم إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحالهم تحت الشجرة.فلما نظر بحيراً إلى القوم فلم ير الصفة التي يعرفها ويجدها عنده وجعل ينظر فلا يرى الغمامة على أحد من القوم ويراها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بحيراً يا معشر قريش لا يتخلفن منكم أحد عن طعامي ؟ قالوا ما تخلف أحد إلا غلام هو أحدث القوم سناً في رحالهم ، فقال ادعوه ليحضر طعامي فما أقبح أن تحضروا يتخلف رجل واحد مع إني أراه من أنفسكم ، فقال القوم هو والله أوسطنا نسباً وهو ابن أخي هذا الرجل يعنون أبا طالب ، وهو من ولد عبد المطلب ، فقال الحارث بن عبد المطلب : والله إن كان بنا للؤم أن يتخلف ابن عبد المطلب من بيننا ، ثم قال إليه فاحتضنه وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والطعام والغمامة تسير على رأسه ، وجعل بحيراً يلحظه لحظاً شديداً وينظر إلى أشياء في جسده قد كان يجدها عنده في صفته.فلما تفرقوا عن الطعام قام إليه الراهب فقال : يا غلام أسألك بحق اللات والعزى ألا ما أخبرتني عما أسألك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسألني باللات والعزى فوالله ما أبغضت شيئاً بغضهما ، فبالله ألا أخبرتني عما أسألك عنه، قال : سلني عما بدا لك ، فجعل رسول الله 0ص) يخبره فيوافق ذلك ما عنده ، ثم جعل ينظر بين عنينه ، ثم كشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الصفة التي عنده فقبل موضع الخاتم.وقال قريش : إن لمحمد عند هذا الراهب لقدراً ، وجعل أبو طالب لما يرى من الراهب يخاف على ابن أخيه ، فقال الراهب لأبي طالب : ما هذا الغلام منك ؟ قال : هو ابني ، قال : ما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حياً ، قال فابن أخي ، قال : فما فعل أبوه؟ قال : صدقت ، ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فوالله لئن عرفوا منه ما أعرف ليبغنه عنته فإنه كائن لابن أخيك هذا شان عظيم نجده في كتابنا ، واعلم أني قد أديت إليك النصيحة.فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعاً ، وكان رجال من يهود قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفوا صفته فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا إلى بحيراً فذكروا له أمره فنهاهم أشد النهي، وقال لهم : أتجدون صفته؟ قالوا : نعم ، قال فما لكم إليه سبيل ، فصدقوه وتركوه ، ورجع أبو طالب فما خرج به سفراً بعد ذلك خوفاً عليه. وذكر الحاكم والبيهقي وغيرها من حديث عبد الله بن إدريس ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي امامة ، عن هشام بن العاص ، قال : ذهبتت أنا ورجل آخر من قريش إلى هرقل صاحب الروم ندعوه إلى الإسلام ، فخرجنا حتى قدمنا غوطة دمشق ، فنزلنا على جبلة بن ألأيهم الغساني، فدخلنا عليه فإذا هو على سرير له ، فأرسل إلينا برسول نكلمه ، فقلنا لا والله لا نكلم رسولاً ، غنا بعثنا إلى الملك فإن أذن لنا كلمنا وإلا لم نكلم الرسول ، فرجع إليه الرسول فأخبره بذلك ، قال : فأذن لنا ، فقال : تكلموا.فكلمه هشام بن العاص ودعاه إلى الإسلام وإذا عليه ثياب سوداء فقال له هشام : وما هذه التي عليك ؟ فقال لبستها وحلفت أن لا أنزعها حتى أخرجكم من الشام ، قلنا ومجلسك هذا ، فوالله لنأخذنه منك ، ولنأخذن ملك الملك الأعظم ، أخبرنا بذلك نبينا ، فقال لستم بهم ، بل هم قوم يصومون بالنهار ويفطرون بالليل ، فكيف صومكم ؟ فأخبرناه فملئ وجهه سواداً ، فقال قوموا وبعث رسولاً إلى الملك فخرجنا حتى إذا كنا قريباً من المدينة قال لنا الذي معنا: إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك ، فإن شئتم حملناكم على براذين ويغال، قلنا والله لا ندخل إلا عليها ، فأرسلوا إلى الملك أنهم يأبون ، فدخلنا على رواحلنا متقلدين سيوفنا حتى انتهينا إلى غرفة له فأنخنا في أصلها وهو ينظر إلينا ، فقلنا لا إله إلا الله والله أكبر .والله يعلم لقد انتفضت الغرفة حتى صارت كأنها عذق تصفقه الرياح.فأرسل إلينا ليس لكم أن تجهروا علينا بدينكم ، وأرسل إلينا أن ادخلوا ، فدخلنا عليه وهو على فراش له وعنده بطارقته من الروم وكل شئ في مجلسه أحمر وما حوله حمرة وعليه ثياب من الحمرة ، فدنونا منه نضحك، وقال ما كان عليكم لو حييتموني بتحيتكم فيما بينكم؟ وإذا رجل فصيح بالعربية كثير الكلام، فقلنا إن تحيتنا فيما بيننا لا تحل لك وتحيتك التي تحيا بها لا يحل لنا أن نحييك بها، قال : كيف تحيتكم فيما بينكم ؟ فقلنا السلام عليكم.قال : كيف تحيون ملككم ، قلنا بها ، قال : كيف يرد عليكم ؟ قلنا بها ، قال فما أعظم كلامكم؟ قلنا لا إله إلا الله والله أكبر .فلما تكلمنا بها – والله أعلم – لقد انتفضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها ، قال : فهذه الكلمة التي قلتموها حيث انتفضت الغرفة ، كلما قلتموها في بيوتكم تنتفض عليكم بيوتكم ، قلنا : لا ، ما رأيناها فعلت هذا قط إلا عندك ، قال : وددت أنكم كلما قلتموها ينتفض كل شئ عليكم وإني خرجت من نصف ملكي ، قلنا لم ؟ قال : لأنه يكون أيسر لشأنها وأجدر أن لا تكون من أمر النبوة وأن تكون من حيل الناس ، ثم سألنا عما أراد فأخبرناه.ثم قال : كيف صلاتكم وصومكم ؟ فأخبرناه، فقال ي : قوموا فقمنا ، فأمر لنا بمنزل حسن ونزل كثير ، فأقمنا ثلاثاً ، فأرسل إلينا ليلاً فدخلنا عليه ، فاستعاد قولنا فأعدناه ، ثم دعا بشئ كهيئة الربعة العظيمة مذهبة فيها بيوت صغار عليها أبواب ففتح بيتاً وقفلاً واستخرج منه حريرة سوداء فنشرها، فإذا فيها صرة حمراء ، وإذا فيها رجل ضخم العينين ، عظيم الإليتين لم أر مثل طول عنقه وإذا ليست له لحية وإذا له ظفيرتان أحسن ما خلق الله ، قال : هل تعرفون هذا؟ قلنا لا ، قال هذا آدم عليه السلام ، وإذا هو أكثر الناس شعراً ، ثم فتح باباً آخر واستخرج من حريرة سوداء ، وإذا فيها صورة بيضاء وإذا له شعر قطط أحمر العينين ضخم الهامة حين اللحية ، قال : هل تعرفون هذا : قلنا لا ، قال : هذا نوح عليه السلام ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة سوداء وإذ فيها ورة رجل شديد البياض حسن العينين صلت الجبين طويل الخد أبيض اللحية كأنه يتبسم ، قال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا لا ، قال : هذا إبراهيم عليه السلام ، ثم فتح باباً آخر فستخرج حريرة فإذا صورة بيضاء وإذا والله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أتعرفون هذا؟ قلنا نعم محمد رسول الله وبكينا.قال والله يعلم إنه قام قائماً ثم جلس فقال : والله إنه لهو؟ قلنا نعم غنه لهو كأنما ننظر إليه ، فأمسك ساعة ينظر إليها ثم قال أما إنه كان آخر البيوت ولكن عجلته لكم لأنظر ما عندكم ، ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فإذا فيها صورة أدماء سحماء وإذا رجل جعد قطط غائر العينين حديد النظر عابس متراكت الأسنان مقلص الشفة كأنه غضبان ، قال : هل تعرفون هذا؟ قلنا لا ، قال : هذا موسى بن عمران ، وإلى جنبه صورة تشبهه إلا أنه مدهان الرأس عريض الجبين في عينيه قبل ، قال هل تعرفون هذا ؟ قلنا لا ، قال : هذا هارون ، ثم فتح باباً آخر فاستخرج حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل آدم سبط ربعه كأنه غضبان ، فقال: هل تعرفون هذا قلنا لا ، قال: هذا لوط.ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل أبيض مشرب حمرة أقنى خفيف العارضين حسن الوجه ، فقال : هل تعرفون هذا قلنا لا ، قال : هذا إسحاق، ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل تشبه إسحاق إلا أنه على شفته السفلى خال فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا لا ، قال هذا يعقوب، ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل أبيض حسن الوجه ، أقنىالأنف ، حسن القامة ، يعلو وجهه نوره ، يعرف في وجهه الخشوع ، يضرب إلى الحمرة ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا لا ، قال : هذا اسماعيل جد نبيكم ، ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة كأنها صورة آدم كأن وجهه الشمس ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا لا ، قال : هذا يوسف .ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل أحمر ، حمش الساقين ، أخفش العينين ، ضخم البطن ، ربعة متقلد سيفاً ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا لا ، قال : هذا داود ، ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فإذا فيها صورة رجل ضخم الإليتين ، طويل الرجلين ، راكب فرساً، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا لا ، قال : هذا سليمان بن داود .ثم فتح باباً آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فإذا فيها صورة بيضاء وإذا رجل شاب شديد سواد للحية ، لين الشعر ، حسن الوجه ، حسن العينين ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا لا ، قال : هذا عيسى.قلنا من أين لك هذه الصور لأنا نعلم أنها على ما صورت عليه الأنبياء ، لإنا رينا صورة نبينا مثله؟ قال: إن آدم سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده فأنزل عليه صورهم ، وكانوا في خزانة آدم عند مغرب الشمس فاستخرجها ذو القرنين فصارت إلى دانيال ، ثم قال أما والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي وإني كنت عبد لأشدكم ملكة حتى أموت.ثم أجارنا وأحسن جائرتنا وسرحنا ، فلما أتينا أبا بكر الصديق فأخبرناه بما رأينا وما قال لنا وما أجارنا فبكى أبو بكر ، وقال لو أراد الله به خيراً لفعل.فهذا في الإخبار بنبوته مما تلقاه المسلمون من أفواه علماء اهل الكتاب والمؤمنين منهم ، والأول فيما نقلوه من كتبهم ، وعلمائهم يقرون أنه في كتبهم .فالدليل بالوجه الأول يقام عليهم من كتبهم ، وبهذا الوجه يقام بشهادة من لا يتهم عليهم لأنه إما من عظمائهم ، وإما ممن رغب عن رياسته وماله ووجاهته فيهم وآثر الإيمان على الكفر والهدى على الضلال ، وهو في هذا مدع أن علمائهم يعرفون ذلك ويقرون به ولكن لا يطلعون جهالهم عليه.فالأخبار والبشارة بنبوته صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة عرفت من عدة طرق: (أحدها) ما ذكرناه ، وهو قليل من كثير وغيض من فيض.(الثاني) إخباه صلى الله عليه وسلم لهم أنه مذكور عندهم وأنهم وعدوا به وأن الأنبياء بشرت به، واحتجاجه عليهم بذلك ، ولو كان هذا الأمر لا وجود له البتة لكان مغرياً لهم بتكذيبه منفراً لأتباعه محتجاً على دعاه بما يشهد ببطلانها.(الثالث) أن هاتين الأمتين معترفون بأن الكتب القديمة بشرت بنبي عظيم الشأن يخرج في آخر الزمان نعته كيت وكيت ، وهذا مما اتفق عليه المسلمون واليهود والنصارى فأما المسلمون فلما جاءهم آمنوا به وصدقوه وعرفوا أنه الحق من ربهم .وأما اليهود فعلماؤهم رفوه وتيقنوا أنه محمد بن عبد لله فمنهم من آمن به ومنهم من جحد نبوته وقالوا لأتباعه أنه لم يخرج بعد وأما النصارى فوضعوا بشارات التوراة والنبوات التي بعدها على المسيح ، ولا ريب أن بعضها صريح فيه وبعها ممتنع مله عليه وبعضها محتمل ، وأما بشارات المسيح فحملوها كلها على الحواريين ، وإذا جاءهم ما يستحيل انطباقه عليهم حرفون أو سكتوا عنه وقالوا لا ندري من المراد به.(الرابع) اعتراف من أسلمنهم بذلك وأنه صريح في كتبهم ،وعن المسلمين الصادقين منهم تلقى الملمون هذه البشارات وتيقنوا صدقها وصحتها بشهادة المسلمين منهم بها مع تباين أعصارهم وأمصارهم وكثرتهم واتفاقهم على لفظها ، وهذا يفيد القطع بصحتها ولو لم يقر بها أهل الكتاب ، فكيف وهم مقرون بها لا يجحدونها وإنما يغالطون في تأويلها والمراد بها؟! وكل واحد من هذه الطرق الأربعة كاف في العلم بصحة هذه البشارات ، وقد قدمنا أن إقدامه صلى الله عليه وسلم على إخبار أصحابه وأعدائه بأنه مذكور في كتبهم بنعته وصفته وأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناهم وتكراره ذلك عليهم مرة بعد مرة بعد مرة في كل مجمع وتعريفهم بذلك وتوبيخهم والنداء عليهم به من أقوى الأدلة القطعية على وجوده من وجهين أحدهما قيام الدليل القطعي على صدقه ، الثاني دعوته لهم بذلك إلى تصديقه ، ولو لم يكن له وجود لكان ذلك من أعظم دواعي كذبه والتنفير عنه.وهذه الطرق يسلكها من يساعدهم على أنهم لم يحفوا ألفاظ التوراة والإنجيل ولم يبروا شيئاً منها فيسلكها بعض نظار الملمين معهم من غير تعرض إلى التبديل والتحريف .وطائفة أخرى تزعم أنهم بدلوا وحرفوا كثيراً من ألفاظ الكتابين ، مع أن الغرض الحامل لهم على ذلك دون الغرض الامل لهم على تبيل البشارة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن البشارات لكثرتها لم يمكنهم إخفاؤها كلها وتبديلها ، ففضحهم ما عجزوا عن كتمانه أوتبديله.وكيف ينكر من الأمة الغضيبة قتلة الأنبياء الذين رموهم بالعظائم أن يكتموا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته وقد جحدوا بنبوة المسيح ورموه وأمه بالعظائم ونعته والباشرة به موجود في كتبهم ؟ ومع هذا أطبقوا على جحد نبوته وإنكار بشارة به ، ولي يفعل بهم ما فعله بهم محمد صلى الله عليه وسلم من القتل والسبي وغنيمة الأموال وتخريب الديار وإجلائهم منها ، فكف لا تتوصى هذه الأمة بكتمان نعته وصفته وتبدله من كتبها؟ وقد عاب لله سبحانه عليهم ذلك في غير موع من كتابه ولعنهم عليه .ومن العجب أنهم والنصارى يقرون أن التوراة كانت طول مملكة بني إسرائيل عند الكاهن الأكبر الهاروني وحه ، واليهود تقر أن السبعين كاهناً اجتمعوا على اتفاق من جميعهم على تبديل ثلاثة عشر حرفاً من التوراة ، وذلك بعد المسيح في عهد القياصرة الذين كانوا تحت قهرهم حيث زال الملك عنهم ولم يبق لهم ملك يخافونه ويأخذ على أيجيهم ، ومن رضي بتبديل موضع واحد من كتاب الله فلا يؤمن منه تحريف غيره واليهود تقر أن السامرة حرفوا مواضع من التوراة وبدلوها تبديلاً ظاهراً وزادوا ونقصوا ، والسامرة تدعي ذلك عليهم.وأما الإنجيل فقد تقدم أن الذي بأيدي النصارى منه أربع كتب مختلة من تألف أربعة رجال : متى ، ومرقس ، ولوقا ، ويوحنا .فكيف تطرق التبديل والتريف إليها؟ ولى ما فيها من ذلك فقد صرفهم اله عن تبديل ما ذكرنا من البشارات بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وإزالته وإن قدروا على كنمانه من أتباعهم وجهالهم.[/center] | |
|