محمد حسن عبدالله
عدد المساهمات : 59 نقاط : 4494 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 21/01/2013
| موضوع: خبر وفد نصارى نجران الإثنين أبريل 15, 2013 1:02 pm | |
| [center]خبر وفد نصارى نجران قال ابن اسحاق: ووفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران بالمدينة ، فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، قال : لما قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه مسجده بعد العصر ، فحانت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجده فاراد الناس منعهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوهم فستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم ، وكانوا ستين راكباً ، منهم أربعة وعشرون رجلاً من اشرافهم ، منهم ثلاثة نفر اليهم يؤول امرهم ، هم العاقب أمير القوم وذوو رايهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون الا عن رايه وامره ، واسمه عبد المسيح، والسيل عقالهم وصاحب رحلهم ومجمعهم.وأبو حارثة بن علقمة اسقفهم وحبرهم وامامهم وصاحب مدراسهم ، وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم ، وكانت ملوك الروم من اهل النصرانية قد شرفوه ومولوه واخدموه وبنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما بلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم .فلما وجهوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران جلس ابو حارثة على بغلة متوجهاً الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى جنبه اخ له يقال له كرز بن علقمة يسايره اذ عثرت بغلة ابي حارثة ، بل انت تعست.فقال : ولم يا أخي ؟ فقال والله انه للنبي الذي كنا ننتظره ، فقال لك كرز فما يمنعك من اتباعه وانت تعلم هذا ؟ فقال : ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا ومولونا واكرمونا وقد ابوا الا خلافه ، ولو فعت نزعوا منا كل ما ترى ، فاصر عليها اخوه كرز بن علقمة حتى اسلم بعد ذلك.فهذا وامثاله من الذين منعتهم الرياسة والماكل من اختيار الهدى وآثروا دين قومهم .واذا كان هذا حال الرؤساء المتبوعين الذين هم علماؤهم واحبارهم كان بقيتهم تبعاً لهم ، وليس بمستنكر ان تمنع الرياسة والمناصب والمآكل الرؤساء ويمنع الاتباع تقليدهم ، بل هذا هو الواقع والعقل لا يستشكله.وكان من رؤساء النصارى الذين دخلوا في الإسلام لما تبين لهم أنه الحق، الرئيس المطاع في قومه عدي بن حاتم الطائي ونحن نذكر قصته كما رواها الإمام أحمد و الترمذي و الحاكم وغيرهم.قال عدي بن حاتم : أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس في المسجد، فقال القوم: هذا عدي بن حاتم -وجئت بغير أمان ولا كتاب- فلما رفعت إليه أخذ بيدي، وقد كان قال قبل ذلك: إني لأرجو أن يجعل الله يده في يدي، قال: فقام لي، فلقيه امرأة وصبي معها فقالا إن لنا إليك حاجة، فقام معهما حتى قضى حاجتهما، ثم أخذ بيدي حتى أتى بي داره فألقت له الوليدة وسادة فجلس عليها، وجلست بين يديه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما يفرك أن تقول لا إله إلا الله ؟ فهل تعلم من إله سوى الله قال: قلت لا ، ثم تكلم ساعة، ثم قال: ما يفرك أن يقال الله تعالى أكبر وتعلم أن شيئاً أكبر من الله ؟ قال: قلت لا.قال: فإن اليهود مغضوب عليهم وإن النصارى ضلال قال: قلت فإني حنيف مسلم، قال: فرأيت وجهه ينبسط فرحاً، قال: ثم أمر بي فأنزلت عند رجل من الأنصار جعلت أغشاه آتيه طرفي النهار، قال فبينا أنا عنده عشية إذ جاءه في ثياب من الصوف من هذه الثمار.قال: فصلى وقام فحث عليهم.ثم قال: ولو بصاع ، ولو بنصف صاع، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة، بقي أحدكم وجهه حر جهنم أو النار ولو بتمرة ولو بشق تمرة، فإن أحدكم لاقي الله وقائل له ما أقول لكم، ألم أجعل لك سمعاً وبصراً ؟ فيقول : بلى ، فيقول: ألم أجعل لك مالاً وولداً ؟ فيقول: بلى، فيقول: أين ما قدمت لنفسك ؟! فينظر قدامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله ثم لا يجد شيئاً يقي وجهه حر جهنم، ليق أحدكم وجهه النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة، فإني لا أخاف عليكم الفاقة، فإن الله ناصركم ومعطيكم حتى لتسير الظعينة، فيما بين يثرب والحيرة أكثر ما يخاف على مطيتها السرق، قال فجعلت أقول في نفسي فأين لصوص طي.وكان عدي مطاعاً في قومه بحيث يأخذ المرباع من غنائمهم.وقال حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين: قال: قالأبو عبيدة بن حذيفة قال عدي بن حاتم: بعث الله محمداً -صلى الله عليه وسلم- فكرهته أشد ما كرهت شيئاً قط، فخرجت حتى أتيت أقصى أرض العرب مما يلي الروم، ثم كرهت مكاني أشد مما كرهت مكاني الأول، فقلت لو أتيته فسمعت منه، فأتيت المدينة فاستشرفني الناس، وقالوا جاء عدي بن حاتم الطائي ! جاء عدي بن حاتم الطائي ! فقال: يا عدي بن حاتم الطائي أسلم تسلم فقلت إني على دين، قال: أنا أعلم بدينك منك قلت : أنت أعلم بديني مني ؟ قال: نعم، قال هذا ثلاثا، قال: ألست ركوسياً ، قلت: بلى، قال: ألست ترأس قومك ؟ ، قلت: بلى، قال: ألست تأخذ المرباع، قلت بلى، قال: فإن ذلك لا يحل لك في دينك قال فوجدت بها على غضاضة، ثم قال: العلى أن يمنعك أن تسلم أن ترى عندنا خصاصة، وترى الناس علينا ألباً واحداً، هل رأيت الحيرة ؟ قلت لم أرها وقد علمت مكانها، قال: فإن الظعينة سترحل من الحيرة تطوف بالبيت بغير جوار، وليفتحن.الله علينا كنوز كسرى بن هرمز، قلت: كسرى بن هرمز ؟ قال: كنوز كسرى بن هرمز، وليفيض المال حتى يهتم الرجل من يقبل منه صدقته قال فقد رأيت الظعينة ترحل من الحيرة بغير جوار، وكنت أول خيل أغارت على المدائن، ووالله لتكونن الثالثة أنه حديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.وقد كان سلمان الفارسي من اعلم النصارى بدينهم ، وكان قد تيقن خروج النبي صلى الله عليه وسلم فقدم لمدينة قبل مبعثه ، فلما رآه عرف انه هو النبي الذي بشر به الميح فآمن به واتبعه ، ونحن نسوق قصته.قال ابن اسحاق : حدثني عاصم ، عن محمود ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال حدثني سلمان الفارسي من فيه ، قال كنت رجلاً فارسياً من اهل أصبهان من قرية يقال لها جي.وكان ابي دهقان قريته ، وكنت حب خلق الله اليه لم يزل حبه اياي حتى حبسني في بيت كما تحبس الجارية ، فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار التي توقدها لا نتركها تخبو ساعة.وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل في بنيان له يوماً .فقال : يا بني اني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب اليها فاطلعها ، وامرني فيها ببعض ما يريد ، ثم قال لي : ولا تحتبس عني فانك ان احتبست عني كنت اهم الي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيئ من أمري.فخرجت اريد ضيعته التي بعثني اليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي اياي في بيته فلما سمعت أصواتهم ، دخلت عليهم انظر ما يصنعون ، فما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في امرهم ، وقلت هذا والله خير من الذي نحن عليه، فوالله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعته فلم آتها ، ثم قلت لهم : اين اصل هذا الدين ؟ قالوا : بالشام.فرجعت الى ابي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله ، فلما جئته قال : يا بني اين كنت؟ الم اكن عهدت اليك ما عهدت ؟ قلت : يا أبت مررت باناس يصلون في كنيسة لهم فاعجبني ما رايت من دينهم فوالله ما زلت حتى غربت الشمس ، قال : أي بني ! ليس في ذلك الدين خير ، دينك ودين آبائك خير منه ، فقلت له : كلا والله انه لخير من ديننا.فخافني فجعل في رجلي قيداً حبسني في بيته ، وبعثت الى النصارى فقلت لهم : اذا قدم عليكم ركب من الشام فاخبروني بهم ، فقدم عليهم تجار من النصارى فاخبروني ، فقلت لهم : اذا قضوا حوائجهم وارادوا الرجعة الى بلادهم فآذنوني بهم ، قال : فلما ارادوا الرجعة اخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام ، فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل الدين علماً ؟ قالوا : الأسقف في الكنيسة ، فجئته فقلت له : اني قد رغبت في هذا الدين ، واحببت ان اكون معك فاخدمك في كنيستك ، وأتعلم منك ، وأصلي معك ، قال : ادخل ، فدخلت معه.فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم يها فإذا جمعوا إليه شيئاً منها اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين ، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق.فأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع ، ثم مات واجتمعت النصارى ليدفنون فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئاً .فقالوا لي : وما علمك بذلك ؟ قلت : أنا أدلكم على كنزه ، فأريتهم موضعه فاستخرجوا سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً ، فلما رأوها قالوا : والله لا ندفنه أبداً ، فصلبوه ورموه بالحجارة !!.وجاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه ، فما رأيت رجلاً يصلي – أرى – أنه أفضل منه ولا أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلاً ولا نهاراً منه ، فأحببته حباً لم أحبه شيئاً قبله ، فأقمت معه زماناً ثم حضرته الوفاة ، فقلت له : يا فلان إني قد كنت معك وأحببتك حباً لم أحبه أحداً قبلك وقد حضرك من أمر الله ما ترى .فإلى من توصي بي ؟ وبم تأمرني؟ فقال : أي بني واله ما أعلم أحداً على ما كنت عليه ، ولقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل وهو فلان وهو على ما كنت عليه.فما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك ، وأخبرني أنك على أمره ، فقال : أقم عندي ، فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه ، فلما حضرته الوفاة قلت له : يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى ، فإلى من توصي بي ؟ وبم تأمرني؟ قال : يا بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلاً بنصيبين وهو فلان فالحق به.فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فأخبرته خبري وما أمرني به صاحبي ، فقال : أقم عندي ، فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبه ، فأقمت مع خير رجل ، فوالله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حضر قلت له : يا فلان إن فلاناً أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي ؟ وبم تأمرني؟ فقال : يا بني ! والله ما أعلمه بقي أحد على أمرنا آمك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية من أرض الروم ، فإنه على مثل ما نحن عليه ، فإن أحببت فأته.فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري ، فقال : أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم ، فاكتسبت حتى كانت لي بقيرات وغنيمة ، ثم نزل به أمر الله ، فلما حضر قلت له : يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصي بي ؟ وبم تأمرني ؟ قال : يا بني والله ما أعلمه أثبح على مثل ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه .ولكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب ، مهاجره إلى أرض بين حرتين ، بينهما نخل ، به علامات لا تخفى : يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ، ثم مات وغيب ، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث.ثم مر بي نفر من كلب تجار ، فقلت لهم : احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقيراتي هذه وغنيماتي هذه ، قالوا نعم ، فأعطيتهم فحملوني معهم ، حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي فكنت عنده ، فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي ، فبينما أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي ، فأقمت بها.وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ، ثم هاجر إلى المدينة ، فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل سيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال : يا فلان قاتل الله بني قليلة والله إنهم الآن لمجتمعون معنا على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي ، فلما سمعتها أخذتني العرواء حتى ظننت إني ساقط على سيدي، فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك : ما تقل ؟ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ، ثم قال : مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك ! فقلت : لا شئ إنما أردت أن استبثه عما قال ، وقد كان عندي شئ جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقبا فدخلت عليه ، فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، وهذا شئ كان عندي للصدقة فلرأيتكم أحق به من غيركم ، فقربته إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : كلوا وأمسك فلم يأكل ، فقلت في نفسي هذه واحدة .ثم انصرفت عنه فجمعت شيئاً.وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئته به ، فقلت : إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها ، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه فأكلوا معه ، فقلت في نفسي هاتان اثنتان ، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه وعلى شملتان لي وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أأنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شئ وصف لي ، فألقى الرداء عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم فعرفته ، فأكببت عليه أقبله وأبكي ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فجلست بين يديه ، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس ، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه.ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد ، قال سلمان ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلثمائة نخلة أحييها له بالفقير وأربعين أوقية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعينوا أخاكم فأعونوني بالنخل : الرجل بثلاثين ودية ، والرجل بعشرين ودية ، والرجل بخمسة عشر ، والرجل بعشر ، يعينني الرجل بقدر ما عنده ، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت فإنني أكن أنا أضعها بيدي ففقرت ، وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته.فخرج معي إليها ، فجعلن نقرب إليه الودى ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغت، فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة ، فأديت النخل وبقي على المالي ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن فقال : ما فعل الفارسي المكاتب فدعيت له فقال : خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان فقلت : وأين تقع يا رسول الله مما علي ؟ قال : خذها فإن الله سيؤدي بها فأخذتها فوزنت منها لهم والذي نفسي بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم ، فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ثم لم يفتني معه مشهد.
اعتراف هرقل بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان ملك الشام – أحد أكابر عملائهم بالنصرانية – (هرقل) قد عرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً ، وعزم الإسلام فأبى عليه عباد الصليب ، فخافهم عل نفسه ، وضن بمله – مع علمه – أنه سينقل عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته – ونحن نسوق قصته.ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس ، أن أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه ، قال : انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال فبينا أنا بالشام إذ جئ بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ، فقال هرقل : هل ههنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قالوا نعم ، قال فدعيت في نفر من قريش ، فدخلنا على هرقل ، فأجلسنا بين يديه ، وأجلسوا أصحابي خلفي ، فدعا بترجمانه فقال : قل لهم إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه .فقال أبو سفيان : وأيم الله لولا مخافة أن يؤثر على الكذب لكذبت.ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قال قلت : هو فينا ذو حسب قال : فهل كان من آبائه من ملك قلت : لا .قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا ، قال : ومن اتبعه ، أشراف الناس أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم ، قال : أيزيدون أم ينقصون ؟ قلت : لا بل يزيدون ، قال : فهل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ قال قلت : لا قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت نعم ، قال فكيف كان قتالكم إياه ؟ قال قلت : يكون الحرب بيننا وبينه سجالا يصيب منا ونصيب منه، قال : فهل يغدر ؟ قلت لا ونحن منه في مدة ما ندري ما هو صانع فيها ، قال : فواله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه ، قال: فهل قال هذا القول أحد قبله ؟ قلت لا.قال لترجمانه : قال له إني سألتك عن حسبه فزعمت أنه فيكم ذو حسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها ، وسألتك هل كن آبائه ملك ؟ فزعمت أن لا ، فقلت لو كان في آبائه ملك لقلت يطلب ملك آبائه ، وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشرافهم ؟ فقلت بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل.وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فقد رفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على اله عز وجل ، وسألتك هل يرتد أحد مهم عن دينه بعد أن يدخله سخطة له ؟ فزعمت أن لا وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب ، وسألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم .وسألتك هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه فيكون الحرب بينكم وبينه سجالاً ينال منكم وتنالون منه ، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة .وسألتك هل يغدر ؟ فزعمت أنه لا يغدر ، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك هل قال هذا القول أحد قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت لو قال هذا القول أحد من قبله قلت رجل إئتم بقول قيل قبله .ثم قال : فبم يأمركم ؟ قلت : يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف.قال : إن يكن ما تقول حقاً إنه لنبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أكن أظنه منكم ، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدمي.ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ، فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ، فلما قرأه فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط وأمر بنا فأخرجنا ، ثم أذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ، ثم أمر بأبوابها فغلقت ، ثم اطلع فقال : يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن تثبت مملكتكم فتبايعوا هذا النبي ؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت ، فلما رأى هرقل نفرته وأيس من الإيمان : قال : ردوهم علي ، فقال : إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم ، وقد رأيب ، فسجدوا له رضوا عنه.فهذا ملك الروم – وكان من علمائهم أيضا عرف وأقر أنه نبي وأنه سيملك ما تحت قدميه وأحب الدخول في الإسلام فدعى قومه إليه فولوا عنه معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ومنعه من الإسلام الخوف على ملكه ورياسته ، ومنع أشباه الخمير ما منع الأمم قبلهم.[/center] | |
|